افتتاحية

تتوالى دورات المهرجان الدولي لفيلم المرأة، ويتعمق معها شَغَفُ اكتشاف أرضيات سينمائية جديدة، فضلا عن طرح أسئلة وقضايا تُعْنَى بالمرأة في السينما الوطنية مقارنة مع نظيراتها في مختلف أنحاء العالم، فالمهرجان يمنح فرصة سانحة للسينمائيات من مختلف المشارب والجغرافيات العربية والإفريقية والدولية للتداول في شؤون المهنة، وتبادل الخبرات والتجارب، وطرح القضايا المتعلقة بظروف الممارسة، ومناقشة شؤون المرأة من داخل المنجزات الفيلمية.

تنعقد هذه الدورة في ظروف تحكمها ظروف سوسيولوجية متنوعة، لها بالغ الأثر على اشتغال المرأة في السينما، وعلى صورتها في الأفلام، لاسيما ما يخص العنف والتحرش وحماية الأسرة والمناصفة في الحقوق المدنية وحماية الطفولة والشباب، خاصة وأن المغرب قد وَقَّعَ على اتفاقيات دولية تُعْنَى بذلك، وما يزال بعضها بعيدا عن تحقيق الانتظارات المأمولة، وهو الأمر الذي طرحته سينمائيات مغربيات في أفلامهن الأخيرة كدليل على حيوية السينما بالمغرب واستماعها لنبض الناس.

نطمح في دورتنا هاته إلى دعم المُعْطَى الدستوري الذي تُحَاوِل هيئات المجتمع المدني جاهدةً استلهام روحه وتنزيل بعض الإجراءات والقوانين المُسْعِفَةِ في تجاوز بعض الوقائع التي يعرف النقاش العمومي حولها جدلا واسعا، والتي ترتبط، في عمقها، بأحقية المرأة في المساواة والمناصفة.. ونحن إذ نطرح هذه الأمور، فإنما لمواكبة ما تطرحه الأفلام الدولية، خصوصا منها السينمات المماثلة لنا، والتي يمكن أن نتبادل معها وجهات النظر لتطوير التجربة السينمائية ببلدنا، وفي هذا السياق يأتي احتفاؤنا بالسينما المكسيكية التي تزخر بالرؤى والمقاربات الفنية الجديرة بالاحتفاء.

أتاح المهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا تَطْوِيرَ النقاش النظري حول سينما المرأة، فقد بدأنا نلمس، دورة بعد أخرى، من خلال اللقاءات والمناقشات والندوات، تَغَيُّرَ طرائق التحليل وغنى المقاربات الفيلمية المرتبطة بعناصر الفيلم وأسسه النظرية، تلك التي عَزَّزَهَا اهتمام الجمهور بمختلف العروض التي أبانت عن الدينامية النفسية والتفاعلية لاهتمامه وارتباطه بمختلف القضايا التي تطرحها أفلام المرأة، وها نحن ننفتح على سياقات جديدة تعزز ما سبق وأن راكمناه في الدورات السابقة.

يستمد برنامج هذه الدورة غِنَاهُ من تعدد الروافد والجسور الثقافية والفنية التي يقترحها، وهو بذلك يفتح آفاق جديدة من شأنها تعميق البحث الجاد في مختلف انشغالات المرأة السينمائية، ورفد نضالاتها الساعية إلى مواجهة التحديات التي نعيشها في عَالَمِنَا الراهن، إذ سيكون من الصعب استسهال تحدياتها السياسية والاجتماعية والتقنية في غياب رؤية سينمائية طموحة.